نواف الدقس

مَنْ لا يعرفُ نواف الدقس في الجامعة الأردنيَّة؟! إنه الرجلُ الذي لم يفتر نشاطُهُ مُذ عُيِّنَ في الأردنيَّةِ قبلَ (40) أربعينَ عامًا، وانمازَ بالإخلاص في العمل والتفاني وطيب التعامل مع الجميع طوالَ تلك السنوات، التي أمضى جزءها الأكبر في الحرم الجامعي، حتى باتت الأردنيَّةُ قطعةً منه وأصبحت بينَهُ وبينها لُحمَةٌ لا تَنفَكُّ عُراها، فها هو ذا يقولُ، حَسَبَ تعبيره: الجامعةُ الأردنيَّةُ "بيتي".

نعم، إنَّهُ نواف، أوَّلُ الآتينَ إلى العمل وآخرُ المغادرين، حتى إنَّهُ كان في أحايينَ كثيرةٍ يَصِلُ يومَهُ بيومٍ آخر، ولا يُغادِرُ مكانَهُ قبلَ أن يُنهِيَ عَمَلَهُ المنوطَ بهِ على أكملِ وجهٍ وأتَمِّ صورة.

نعم، هو نواف، الذي عُيِّنَ في الجامعةِ الأردنيَّةِ في العام 1983، وكان آنذاكَ ابنَ الثانية والعشرين ربيعًا، وكان ذلك مع بداية تأسيس مركز الحاسوب، الذي كان موقعُهُ حينذاك في كليَّة العلوم/ مبنى الفيزياء قبل انتقالة إلى المبنى الحالي.

واكَبَ الدقس تطوُّرَ الجامعةِ الأردنيَّةِ التكنولوجيَّ بمراحله المتسارعة من عهد البطاقات الورقيَّة المُثَقَّبَة التي كانت تُستخدم في إدخالات الحاسوب إلى ما نشهدُهُ اليوم من تطوُّر، وطوالَ هذه الفترة لم يتبادر إلى ذهن أحد أنَّ نوافًا ومركز الحاسوب منفصلان عن بعضهما بعضًا؛ لذلك أفنى نوافٌ خدمتَهُ في المركز الذي لم يأتِ أحد للعمل فيه إلّا وترك نوافٌ فيه الأثرَ الكبير؛ فحين التقاء الموظفين القدماء أو المديرين السابقين مع أحد أفراد المركز يبتدئُ اللقاء بالسؤال عن نواف الدقس وعن أحواله قبل السؤال عن التطوُّر التكنولوجي؛ لأنَّ الإنسان هو الأساس، والدقس هو الذي يُوَفِّرُ لزملائه وزميلاته أجواءَ الراحة وَيُهَيِّئُ لهم ما يحتاجون إليهِ من وسائلَ ماديَّةٍ ومعنويَّةٍ تُعينُهم على أداء عملِهم.

والجديرُ بالذِّكر في هذا المقام أنَّهُ معَ بداية فكرة الموظف المثالي لشهر 12/ 2023 في مركز تكنولوجيا المعلومات، التي طلب الدكتور مدير المركز البدءَ بها بحيثُ تُنشَرُ صورةُ الموظف الذي يقعُ عليه الاختيارُ عبرَ موقع المركز الالكتروني، طُلِبَ اقتراحُ مَنْ سيكون الموظفَ المُمَيَّز، والحقَّ إنَّهُ لا يختلف اثنان على أحقيَّةِ نواف الدقس؛ لِذا انطلق الصوتُ بإجماع من أفواه الجميع "نواف... نواف... نواف".

مَنْ يحظى بهذا الإجماع؟! وهذا إجماع على نواف لا يقتصر على فضاء مركز الحاسوب حَسْبُ،  فقد يجدُ الصَّدى نفسَهُ بين موظفي الجامعة من خارج المركز.

هنيئًا لنا بنواف، وهنيئًا لنواف الدقس هذا الأرث الذي سيتركُهُ في نفوسنا جميعًا وفي تاريخ الجامعة الأردنيَّة التي امتزج جزءٌ من حياته ونشاطه فيها بنسيج أزدهارها وبوحِ سَروِها؛ حيث سيصل نوافٌ إلى عمر الستين عامًا في بداية العام 2023.

 

وبعدُ، فأطال اللهُ في عمر أخينا وزميلنا نواف الدقس وجزاهُ عن الجامعة الأردنيَّة ومنسوبيها خيرَ الجزاء.